التصنيفات
مذكرات ويوميات

معرض الرياض الدولي للكتاب 2008

أمس الخميس زرت معرض الكتاب في الرياض في مركز المعارض بحي المروج، توقعت أن يكون المعرض هذا العام في المركز الجديد، لكن يبدو أن أعمال التشييد لم تنته بعد، شجعني على زيارة المعرض نجاح المعرض السابق، فقد كان لانتقال الإشراف عليه وتنظيمه من وزارة التعليم العالي إلى وزارة الثقافة والإعلام أثر كبير وخاصة إعلاميا، فقد نجح في جذب اهتمام الناس على اختلاف ثقافاتهم وتعليمهم .

دخلت المعرض في الساعة 4:15 عصرا تقريبا وحدي، فقد حرصت على أخذ حريتي ووقتي، ومن حسن حظي أن الزيارة كانت للرجال فقط، إذا عزمتم على الذهاب فتأكدوا من جدول الزيارات، هناك من يحرص على زيارة المعارض في أيامها الأولى لكي لا يفوته شيء، وهناك من يحرص على زيارتها في أيامها الأخيرة لكي يحصل على أكبر قدر من الخصم والتخفيض.

في بداية المعرض كانت الملصقات التي توضح الفعاليات الثقافية التي ستقام في المركز، ثم أجنحة الوزارات والمؤسسات الحكومية والجامعات، دخلت جناح وزارة الشؤون الاسلامية الذي كان جميلاً في عرضه للكتب، وفيه يتم توزيع مصاحف مجمع الملك فهد رحمه الله تعالى بجميع الأحجام مجانا، وقد حاولت أن أسير بطريقة منظمة للاطلاع على أكبر عدد من الأجنحة، لذلك انعطفت يميناً متجهاً إلى الزاوية للبدء منها.

وهناك وجدت الازدحام أشد ما يكون عند دور النشر اللبنانية، وخاصة المشهورة منها، ويبدو لي أن كثيرا من المرتادين يبتاعون من هذه الدور لمجرد وجود اسم الدار على الكتاب، وهذا ما يفسر اهتمام كثيرين بنشر إنتاجهم لدى هذه الدور مع أن عقودهم معها جائرة عليهم، أذكر بأني زرت معرض الكتاب العام الماضي في أيامه الأخيرة فرأيت الرفوف في جناح دار الساقي شبه فارغة.

لا أنفي أن هذه الدور تنشر لكتاب مميزين، وتخرج كتبها إخراجاً جذاباً، إلا أنك تشعر أحيانا أن بعض الباعة فيها يعاملونك بشيء من التعالي، انتقيت كتابا صغيرا من إحداها، وسألت البائع عن ثمنه، فقال : عشرون، فمددت إليه مئة، فقال مستنكراً: شو!، فلم أفهم ماذا يقصد، ولكني شعرت بالتوبيخ بعدما قال: ما فيه (فكة)، فوضعت الكتاب، وأخذت نقودي، وغادرت من فوري رغم محاولته تلطيف الموقف بعد فوات الآوان.

والحقيقة أن أسعار كتب دور النشر اللبنانية مترفعة نسبياً عن غيرها من دور النشر العربية في حين خفضت دور النشر المحلية من أسعارها بنسب متفاوتة، وهي فكرة ذكية لجذب الزوار، لأن بعض زوار المعرض قد يفكر، ويقول في نفسه : سأهتم بدور النشر العربية فقط، لأن كتبها غير موجودة محلياً، أما دور النشر المحلية فكتبها موجودة خارج المعرض، فما الذي يدفعني لزيارتها؟.

والجواب عند دور النشر المحلية، وهو : التخفيضات والخصومات، مكتبة جرير على سبيل المثال خفضت على الكتب القديمة بنسبة 50%، أما الكتب الجديدة فبنسبة 25%، وهي فرصة ذهبية، أما مكتبة العبيكان فلم يتسن لي معرفة مقدار التخيفض؛ لازدحام جناجها الكبير الذي كان جزء منه مخصص لتوقيع كتاب تركي الدخيل الجديد (كنت في أفغانستان).

بعد نصف ساعة أحسست بالزحام، وأدركت أنه لا يمكنني المرور على جميع الأجنحة، وتغطية المعرض في يوم واحد، فبدأت في الانتقاء، ودخلت جناح دار العودة، وهي دار متميزة بطباعة دواوين مجموعة من شعراء العصر الحديث، ولكني صدمت من غلاء السعر، ورداءة الطباعة، ديوان البردوني على سبيل المثال بخمسين ريالاً، وطباعته بطريقة جمع قوالب الحروف.

زرت جناح دار وجوه الدار التي أشرفت على طباعة ديواني، ووجدت الديوان معروضاً، تفاجأت بمشاركتهم التي أتت كما قالوا في آخر اللحظات، وتفاجأت بمعروضاتهم الجميلة من الكتب والرويات رغم حداثتها، رقم الجناح لمن أراد زيارتهم 856 ممر أحمد السباعي، وزرت جناح دار المفردات، وقابلت صاحبها الأديب اللطيف عبدالرحيم الأحمدي، ووجدت عندهم ديوان الشاعرة أحلام الحميد الجديد ( أنا من خيال ).

زرت جناح دار الثقافة والفن الإيراني وهو جناج ممتع بلوحاته الفنية، وكتب الخط العربي، والفارسي، وجمع كتب الخط هواية سرية لي، لكني لم أستطع الحصول على أقلام القصب، فقد نفذت منذ اليوم الأول كما قال لي البائع، وزرت جناح مؤسسة الإسلام اليوم و تفاجأت بإصداراتهم التي لم أرها من قبل.

زرت جناح الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الذين كانوا يوزعون بعض إصدارات الجمعية ، و أخذت نسخ منها : 1– نظام المرافعات الشرعية 2- نظام الإجراءات الجزائية 3- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وزرت جناح النادي الأدبي في الرياض التي نفض الغبار عنه أخيراً و أصدر مجموعة من الكتب منها مشروع الإصدار الأول.

زرت جناح الدولة المستضافة، وهي اليابان، وهناك قسم مخصص لخطاط ياباني، يكتب اللوحات بالحروف العربية، وبخط جميل، ودار بيني وبينه حوار جميل، سألته بعض الأسئلة، وعرفت بأنه مسلم درس اللغة العربية، والخط العربي في تركيا عشرين سنة، وألف معجماً عربيا يابانيا، وقد عاد إلى بلاده ليدرس الخط العربي.

زرت جناح دار المنار التي تنشر كتب الأديب الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله تعالى، وهذه ميزة في بعض دور النشر، إذ قد ينفذ كتاب من أعمال كاتب معين من المكتبات، فتجده عند هذه الدار التي انفردت بنشر كتبه، وزرت جناح دار الشروق التي نشرت كتب الكاتب أنيس منصور، والروائي نجيب محفوظ، والمفكر سيد قطب على حد علمي.

وقد وفرت إدارة المعرض عدداً من الحواسيب للبحث عن الكتب، وهي فكرة جميلة، كانت موجودة في المعرض السابق كما أذكر، أعجبتني طريقة أحدهم فقد كان يحمل ورقة وقلماً، ويسجل ما يريد، ويقارن بين الطبعات والأسعار، وصادفت أكثر من شخص يسأل البائع : عندك كتاب قصص؟ وعجبت من تلهفهم على قراءة أي قصص.

كما مررت بمعرض الطفل، وصادفت هناك الأستاذ راشد محمد الشعلان الذي تفضل مشكور بإهدائي نسخة من كتابه (أساليب عملية لعلاج الأخطاء الإملائية)، وصافت أيضاً بعض الأصدقاء القدامى الذين لم أرهم منذ فترة، بعد المغرب شعرت بضيق الأنفاس من الزحام، وسوء التهوية، فخرجت من المعرض قرابة الساعة 7:15 منهكاً من المشي والوقوف، وربما أعود مرة أخرى.

* جدول الزيارات والفعاليات الثقافية (تعطل الرابط بعد انتهاء المعرض)

بواسطة صالح الهزاع

مدون سعودي

أكتب تعليقك

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: