كنت أسمع عن الشاعر حميدان الشويعر الكثير من التعليقات والإشارات المختصرة عن شعره وأخباره وأتمنى أن أجد من يقصها علي كاملة وينشدني أشعاره السائرة، حتى وجدت ضالتي صدفة عند زميلي سامي الضويان الذي حكي لي من أخباره المثير والطريف، ووجدت لديه أكثر من نسخة لديوان حميدان، وأعارني واحدة منها مشكورا، وهي الطبعة الثانية من ديوان حميدان الذي أعده الأستاذ محمد بن عبدالله الحمدان، وأصدرته دار قيس، وتاريخها 1417هـ، ولا أدري هل توجد طبعة ثالثة أم لا.
عدد صفحات الكتاب 194 ، وضع المعد في الخميسين صفحة الأولى مقدمة الطبعة الثانية ومقدمة الطبعة الأولى التي ذكر فيها تعريف بالشاعر، ونقل ما قاله مجموعة من المؤرخين والأدباء عن حميدان ومنهم خالد الفرج في كتابه ( ديوان النبط ) الذي قال : (حميدان الشويعر من شعراء نجد المشهورين الذين كتب لهم الخلود وهو من السيايرة من قبيلة بني خالد، ومن أهل قرية القصب إحدى قرى الوشم في نجد، توفي في منتصف القرن الثاني عشر الهجري، ولا تزال أشعاره سائرة على الألسنة؛ لأنها من النوع الخفيف المحتوي على السهل الممتنع، وأشعاره كلها جد في هزل في السياسة والاجتماع والأخلاق، وفي أشعاره فوق ذلك مجون قد يصل إلى درجة الإسفاف لولا الأسلوب الذي يصوغه فيه).
ومنهم عبدالله الحاتم في كتابيه ( خيار ما يلتقط من شعر النبط ) و(ديوان حميدان الشويعر وعبدالمحسن الهزاني ) فقد قال عن حميدان : ( من شعراء نجد الأفذاذ ومن العلماء إلا أن شهرته في الشعر تجاوزت الحد بسبب سلوكه طريق النقد اللاذع والهجاء المزيج بالهزل بحيث لم يسلم أحد من لسانه حتى أهل بيته وعشيرته، وهو في الشعر النبطي كالشاعر المشهور الحطيئة في الشعر الفصيح )، و منهم د عبدالله الفوزان في جريدة الجزيرة، ومنهم د حسن الهويمل في نفس الجريدة، ورد على طلال السعيد ترجمته الغريبة الشاذة لحميدان في كتابه ( الموسوعة النبطية الكاملة ).
ثم تحدث عن مخطوطات شعر حميدان، وهي ثلاث، مخطوطة محمد ناصر العبودي، ومخطوطة محمد العمري (مكتبة جامعة الملك سعود) ومخطوطة الذكير، وهناك مخطوطات فيها بعض شعر حميدان للرحالة (هوبر) موجودة في مكتبة جامعة ستراسبورج الفرنسية.
ثم ذكر طبعات ديوان حميدان، وأولها ما نشره خالد الفرج في كتابه ( ديوان النبط ) من شعر حميدان بالإضافة إلى شعراء آخرين، وفي مقدمته كلام جميل لخالد الفرج عن أدب العامة في نجد وبداية الشعر النبطي وتطوره، ثم نشر عبدالله الحاتم في كتابه (خيار ما يلتقط من شعر النبط ) 30 قصيدة لحميدان بزيادة أربع قصائد عما ذكره خالد الفرج.
وأعاد نشرها في كتاب آخر بعنوان ( الشعر النبطي ، ديوان حميدان الشويعر و عبدالمحسن الهزاني ) و قال في مقدمته ( أما بعد : يسرني أن أقدم هذه المجموعة القيمة التي تضم بين دفتيها قصيد شاعري نجد الكبيرين حميدان الشويعر وعبدالمحسن بن عثمان الهزاني لأنهما عاشا في عصر واحد، وحاز كل منهما شهرة نادرة وصيتاً واسعاً ).
ثم ذكر من بقي من ذرية حميدان الشويعر، ومن يحفظ شعره وأخذ عنهم، وذكر قصص حميدان الطريقة التي يتداولها الناس ومنها قصة زواجه وطلاقه في نفس الليلة، وقصة المغرفة وهي مشهورة، وقصته مع أهل وثيثا وتحريضهم على أهل ثرمداء ( أشار إليها إشارة )، ومعظم قصائده لها قصص بل إن بعضها قصص.
ثم ذكر أغراضه قصائده وأغلبها في النصح الديني والنصح الحربي والزراعي والنقد الاجتماعي والحكمة وغيرها، ثم تحدث عن أمثال حميدان التي أوردها الأديب عبدالكريم الجهيمان في كتابه ( الأمثال الشعبية في قلب جزيرة العرب ) التي يرى المعد الأستاذ عبدالله الحمدان أن أكثر ما جمعه مؤلفه لا يصل إلى درجة المثل بخلاف ما جمعه محمد العبودي في كتابه ( الأمثال العامية في نجد ) فإنه لم يذكر إلا أمثالاً حقيقية.
وقد ضمن المعد الأستاذ محمد الحمدان كتابه محاضرة للأديب عبدالله بن خميس عن حميدان الشويعر ألقاها في المركز الثقافي التابع للجمعية العربية للثقافة والفنون ونشرها في كتابه ( محاضرات وبحوث ) قال فيها : ( هناك حقيقة لا بد من التعرض لها ومناقشتها فشعر حميدان الذي بين أيدينا لا يمكن أن نأخذه كله مأخذ الحقيقة ولا أن نصدقه كله، فهو بلا شك شاعر هجاء لم يسلم من لسانه أحد ولهذا فهو عرضه للنحل والاختلاف ورميه عند الاخرين بالطوام والهوام من أجل تبغيضه عند الناس من ناحية ومن أجل الحط من قدره وقدر شعره من ناحية أخرى فهم يرمونه بهجاء كثير من البلدان وكثير من الأسر وينزلون بشعره إلى مستوى من البذاءة والسخف والانحطاط الجنسي مما أكاد أن أبري حميدان منه فهو ولا شك بيطار الأشعار والعلم الموهوب الذي تتقاصر دون مستواه مواهب الشعراء ولعل مما أعان هؤلاء المنتحلين على انتحالهم خفة أوزان بعض أشعاره وسهولة تقليدها).
ثم جاء الديوان في المئة وعشر صفحات التالية، ويضم 60 قصيدة ومقطوعة مرتبة حسب القافية هجائياً ومرقمة دون عناوين، وهناك تعليقات جيدة للمعد على بعض القصائد والمقطوعات في المقارنة بين طبعات ديوان حميدان والتعليق على ما جاء في شعره، ومنها تعليقه على القصيدة رقم 43 حيث قال : ( ويولي بعض الناس أهمية كبيرة لهجاء الشعراء ويعطونه أكبر من حجمه ويتحمسون لدفعه أو إخفائه بأية وسيلة، بل ويتوارون خجلاً حين يسمعون هجاءًا موجهًا لقبيلتهم أو بلدانهم، وما علموا أن الأشراف تهجى وتمدح وأن ألسنة الشعراء لم يسلم منها إلا القليل وأن هذا لا يعيب ولا يقدم ولا يؤخر فهو شيء مضى وانقضى وسواء قيل ذلك أو لم يقل فالأمر سيان)، وليته قرن قوله بالفعل، ولكنه أردف قائلاً : ( وبسبب هذه الحساسية المفرطة لدى بعض الإخوة اضطررت لحذف أسماء من هجاهم حميدان من أشخاص أو بلدان ما عدا عائلته مع علمي بأن ذلك ينافي أمانة النقل).
وفي آخر الكتاب هناك فهارس وصور لبيت ومزرعة حميدان في القصب وبيته ونخله في وثيثيا، وصور لبعض المصادر من الكتب التي أخذ منها، وصور للكتب التي أخرجها، ومقالات للمعد منها ( رأي حول الشعر العامي ) الرائع الذي قال فيه : ( ورغم أني أخرجت ” ديوان السامري والهجيني ” و” ديوان حميدان الشويعر ” إلا أن هذا لا يتنافى مع رأيي الثابت في الشعر الشعبي، فقد قلت في مناسبات عدة أن الشعر العامي الشعبي القديم فيه فوائد كثيرة تاريخية وجغرافية ولغوية، وكان وقتها هو الوحيد تقريباً في وقت ندر فيه التعليم، وقلت فيه وسائل الثقافة، وكان هو صحافة ذلك الزمان وكتبه، وهو المعبر عن بعض آراء الناس وحياتهم الاجتماعية، أما الآن فالوضع مختلف، انتشر التعليم وتعددت قنوات تلقي الثقافة والعلوم، وتيسرت سبل نشر العلوم، فلن تعد هناك حاجة للاستمرار في تشجيع الشعر الشعبي كما هو الحال الآن في البرامج المكثفة في وسائل الإعلام المختلفة التي تتاسبق في نشر الشعر العامي وأصبح نشره بهذا الكم يشكل خطورة على اللغة العربية والشعر العربي الفصيح وثقافة الأمة وتراثها واتجاهها الحضاري، والمفروض أن تعمد وسائل الإعلام المختلفة إلى توجيه الشباب وتشجيعهم لتذوق الشعر العربي الفصيح وقراءته، ومن ثم محاولة نظمه بدل العامي الذي لا يفهم في غير المنطقة التي قيل فيها بعكس الشعر العربي الفصيح … )، وأوافقه على ذلك تمامًا.
تعليق واحد على “ديوان حميدان الشويعر”
لحميدان الشويعر مزاجله شعريه جميله في مدينة حريملاء مع حسين القصيبي وهو احد اجداد الراحل الدكتورغازي القصيبي انتهت بقول حميدان لا يجتمع بهل الديره شاعرين
واجدها لا تبحث او يكتب عنها ولعل لحسين القصيبي المذكور قصائد جميله مفقوده حاليا