قرأت رواية الجنية أول منذ وصولها للمكتبات، أعارني إياها صديق عزيز، الحقيقة إني استمتعت بها كثيراً وضحكت أكثر، جاءت بعد انقطاع غازي القصيبي عن كتابة الروايات لفترة، وكتب عنها كل من الدكتور مسعد العطوي مقالاً في جريدة الرياض من جزئين، حلل فيه الرواية تحليلاً أدبياً تحدث فيه عن البناء واللغة، ولكنه لم ينتقد سلباً إلا حينما قال : (يتضخم الفعل الفكري للقصة حتى الملل في الإعلان عن البحث الصريح في بطون المراجع حين يسدي الكاتب شكره إلى الأستاذ إبراهيم الطاسان، والأستاذ فيصل بن معمر وسليمان الوائل على تفضلهم بتزويده بالمراجع ).
أما بقية مقاله فقد كان نقده إيجابياً منهجياً متوازناً لماحاً كقوله : (والقاص يسجل ملمحا معاصرا ذلكم هو المكانة النجدية التي تألقت في الجزيرة العربية بل العالم العربي فكثير من الأسر في الزبير من العراق عادت إلى جذورها النجدية، وأكثر من الأسر في الشرقية تتفاخر بانتمائها إلى نجد كثيرا من الأسر في سوريا والأردن وفلسطين تفاخر بعودة جذورها إلى القبائل النجدية، وما ذلك إلا تسجيل للدولة السعودية التي عاصمتها الرياض التي أوجدت لنجد هذه المكانة فنحن لا نجد في هذه الظاهرة الانتماء إلى مواطن الجذور العربية في مكة المكرمة ولا الممتدة من اليمن. وكأن التاريخ يسجل مراحل تنقل الدول من مكان إلى مكان ومن جنس إلى جنس،وهذا ما تفاعل في ذهنية القاص قبل بطل الرواية وهو ما نال حصاده ).
وقوله : (وبناء على رسم معالم الشخصية فإن الرواية اتكأت على السرد الذي يقوم على البناء الهيكلي تتابعي البناء ولكي يتمكن القاص من سرد الحوادث فإنه قسم قصته إلى فصول ذات عناوين واضحة وهنا أعود إلى تأثير القاص على بناء الرواية فالذي يوحي به هذا التقسيم أن القاص لم يكن وقته يسمح ليعيش القصة ويكتبها في زمن متوالي وإنما ” رسم مخططها على شكل حلقات ” ليحصر فكره في عنوان يستحوذ عليه أو كأنه اقتفى أثر ألف ليلة وليلة في تقطيع أوصال الحكايات حتى تتمكن من سردها في ليالي متتابعة).
وقوله : (وسجلت الرسالة بكل وضوح ظاهرة الشعوذة والسحر تلك الظاهرة التي عرفت أو على الأقل تنسب إلى المغرب قديما فكثير من العادات التي فيها غموض كان المغاربة مصدر لها مثل (البشعة) … أما في الزمن المعاصر فإن الإشارات تشير إلى السحر الذي يحتم على الفرد بالعودة إلى إمراة تهواه أو يتزوجها ولست أدري هل هو حقيقة السحر المحرم أو السحر الجذاب الذي يستهوي النفس وألوان من العشق).
وكتب عنها حسين علي بافقيه في جريدة الرياض مقالاً أطال في مقدمته عن حبه لغازي وعن حياة غازي ونتاجه الأدبي شعراً ونثراً، ولعل هذا كله كان تلطيفا لما بعده من رأي شخصي صريح في شعر غازي ورواياته فقد قال : (والذي يظهر على مصنفات القصيبي يدرك ولعه وفتنته بالتأليف والكتابة، وهو حفي بما يكتبه، شعراً ونثراً، تأليفاً وترجمة، ولعله يحس في ذاته إحساساً غاماً بجليل ما يكتبه، وشاهد ذلك أنه ما انفك ينشر في الناس جليل القول ويسيره، وهذا دأب من يحسن الظن كثيراً بنفسه، ولا يعيد النظر فيما ينشئه، ولا يعرف أن في الاكثار مظنة العثار، فيستوي لديه النادر والبارد، والدر والمخشلبة، وديدنه، فيما يصنف من كتب، أن يصنع نصاً صالحاً وآخر سيئاً، وهذا ضرب من الرضا بما يكتب عجيب، ولو كان الرجل حديث عهد بالكتابة لقيل: ناشئ، وعسى الايام أن تقوي عوده، ولكنه ذلك الفحل الذي خاض غمرات الكتابة، وراض العسير منها واليسير، وإلا كيف يستقيم أن ينشئ ” شقة الحرية ” و ” العصفورية ” و” حكاية حب ” وهي في الذرى من آثاره، ثم يخرج للناس ” سلمى ” و ” سعادة السفير” و ” سبعة “، وهي مما لا يسوغ قبوله من كاتب ناشئ ? ولكن القصيبي يرضى بأول خاطر يطرأ على فؤاده، وتراه يشفق على ما ينفث على لسانه ولا يرد طارقاً وقف ببابه ).
وقال عن الجنية خاصة : (وأغلب الظن أن القصيبي أراد من وراء ” الجنية ” أن يدل بسعة قراءته، وأنه لايزال ذلك القارئ الطلعة، وعسى أن يكون ثبت المصادر والمراجع الذي أنهى به كتابه شاهداً على هذا الظن. والحق أن القصيبي دلل من خلال ذلك الثبت على تبحره في القراءة، ووصوله إلى مصادر ومراجع نادرة ومهمة، غير أن من الحق، كذلك، أن تلكم المصادر والمراجع لم تف جديداً إلى ” حكايته ” ، ولم نُحس لها أثراً فيما خاض سرده ، إلا ما كان من شواهد محدودة جاءت وكأنها ألصقت بالنص إلصاقاً ، وكأنها ذلك الجزء الغريب الذي يعافه جسد المري ولا يكاد يسيغه ، وأما ما سوى ذلك من المصادر والمراجع التي بلغت ثمانين مصدراً ومرجعاً، فهي قد أفادت القصيبي ولكنها – واحسرتاه – لم تفد النص قيمة في الرؤية أو الأداة).
أما أقسى ما كتب عن الجنية فهو ما كتبه عبدالله بن ناصر الخريف في جريدة الرياض تحت عنوان (غازي القصيبي من الروايات الأدبية إلى قصص ما قبل النوم ) و قد قال في مقاله (ومن هذه النقطة أطرح استفساراً بريئاً – وما أكثر البراءة هنا! – لماذا أخرج غازي الرواية من ثوبها الأنيق الرائع الذي عرف عنه أنه مدار الخيال وإبداع الكاتب إلى أن جعله مرجعاً وشبيهاً بالبحث العلمي وضع في آخره مراجع حول الموضوع!. فمن يشاهد هذا الأمر فإن تأويله لن يخرج عن أحد أمرين: إما انه بحث علمي كتب بصيغة أدبية، أو فتح جديد في الرواية بأن جعلها علمية تستند على حقائق! إذا أخذنا في الاعتبار ان موضوع الجن ليست فيه حقائق إلا النذر اليسير، مما وصلنا من القرآن والسنة، وآراء العلماء الذين نثق بهم بعكس آراء المنجمين والمشعوذين. ونلاحظ ان هذه المراجع ليست كتاباً أو كتابين! بل كتباً قسمت في أربعة أقسام: في علم الإنسان “الأنثروبولوجي”، وكتب الأدب التي تحدثت عن الجن، والبحوث العلمية حول ظاهرة الجن، وكتب المشعودين!.. إذن أين غازي القصيبي في الرواية؟ هل كل ما قام به النقل من هذه الكتب وصياغتها بطريقته؟ أم انه قرأ الجيد منها والرديء وبدأ يسرد الرواية؟ ووجود المراجع قد يفتح لنا باباً في روايات قادمة تتضمن وجود حواش في الرواية – وقد فعلها غازي في هذه الرواية تحديداً – بالإضافة إلى عبارة توضع في مقدمة الرواية تحمل في مضمونها: ان هذه الرواية تمت مناقشتها وأجيزت للنشر بعد الحصول على درجة الامتياز!!.لا أقصد من عبارتي السابقة السخرية بقدر التساؤل لا أكثر؟، ففي الرواية استناد كبير على الكتب مما أفقدنا شخصية الروائي التي هي جزء مهم في الرواية).
كانت تلك المقالة مثير لدرجة أن الدكتور فالح بن شبيب العجمي رئيس قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة الملك سعود أشار إليها في مقاله الذي كتبه عن الجنية في نفس الجريدة وحاول الرد على انتقادات الخريف .
إذن، أبرز ما أخذه النقاد على غازي هو أن الجنية ليست رواية، وأعتقد أن غازي كان ذكياً حينما وصفها بأنها “حكاية”؛ لأنه توقع ردود أفعال النقاد وحاول تفاديها، ولكنه لم يسلم؛ لأن الدار كتبت على الغلاف بأنها رواية، هذا التناقض جعل بعض النقاد يناقشون الجنية على أنها رواية وهذا خطأ بالتأكيد فالمعتبر هو رأي الكاتب لا رأي الدار؛ لأن دور النشر تبحث عن أسباب رواج منشوراتها مهما كان تصنيفها، وأخذوا عليه أيضا إثقال الرواية بالمعلومات العلمية والحواشي الهامشية ومعهم حق في ذلك لأن الرواية أو الحكاية لا تحتمل ذلك، وأخذوا عليه أيضا مسالة شعور القارئ بالملل، وخاصة في بعض الفصول مثل الفصل الذي تحدث فيها غازي عن أستاذة بطل الحكاية، وأقول ربما كان هناك شيء من الملل، ولكن الحكاية تحتمل مثل هذا الاستطراد في وصف شخصيات ثانوية، وأخذوا عليه أن شخصية الكاتب لم تظهر في الجنية، وأنا أختلف معهم تماماً فلو قرأت الجنية دون أن أعرف أنها للقصيبي لعرفت ذلك من أسلوبه.
ما رأيكم أنتم، هل قرأتم الحكاية؟.
7 تعليقات على “حكاية الجنية مع غازي القصيبي”
مساء الخيرات
انا قرأتها واستمتعت بها
وللحقيقه حدث في حياتي الكثير من احداث الروايه
فأنا جنيه ظهرت في حياة رجل وجعلته اسعد سعداء الارض
وعلى استعداد اكون مايكون لكي اسعده في حياته
تحياتي لك .
* حبيبتي من تكون :
مساء الأنوار
و هذا هو المهم
أدام الله عليكما الحب و السعادة
(f)
كاية مسلية جدا
لكن مش حقيقية
يحرص نادي القصة المصريعلي خلق حالة من التواصل الفعال مع الأدباء والكتاب والعرب من خلال نشر الموضوعات ذات الصلة بالقصة الرواية ، المنشورة في مدوناتهم ، وهذا المقال ينشر قريبا علي الموقع
egstoryclub.com
من يشبهك من يا غازي 8)
صبحك الله بالخير أخوي
بعد اذنك اضفت لينك موضوعك في موضوعي الجديد عن الجنيَّة 😳
http://www.inoora.net/?p=292
(f)
انا اعجبتني القصه ولكن لم يعجبني الايحائات بل التصريحات الجنسيه المذكوره في القصه. هذه القصه كان يجب ان تصنف بانها للكبار فقط.