حينما بدأ سوق الأسهم السعودي بالصعود الصاروخي قبل بضع سنوات ( من بدايات عام 2003 تقريبًا وحتى الانهيار الكبير في فبراير عام 2006 ) بدأ اهتمام عامة الناس يتزايد به، الصغير والكبير، والذكر والأنثى، كلٌ جمع ما استطاع أنه يجمعه، ودخلوا فيه أفواجًا، وقد كنت من بينهم، في البداية كنت ممن يتلقون التوصيات من هنا وهناك، فقد كانت المعلومة هي الشفرة السرية للكسب السريع، السهل والمضمون، ولكن كلٌ يدعى أن مصادره موثوقة ومقربة وخاصة، ولا يمكن التأكد من صحة معلوماتها قبل أن ترى نتائجها في محفظتك ربحا وخسارة، لم يعجبني ذلك وسألت نفسي : أيعقل أن تكون المتاجرة بالأسهم تعتمد على هذه الطريقة، إما معلومة، وإما خبط عشواء، ولكن ما حيلتي إذا لم أحصل على معلومة صحيحة، هل أبقى متفرجًا؟.
كان هناك قلة يتحدثون عن مؤشرات وإشارات وعلامات ورسوم بيانية، ولكن الكثيرين يرون أنهم متخرصون، أو متنبئون بالغيب لا يفقهون، شخصيًا أعجبتني فكرة وجود وسائل علمية قادرة على التنبؤ بتغيرات الأسعار وسلوك المتعاملين، وبدأت بمتابعتهم وقراءة ما يكتبون، وتأمل الرسوم التي يرفقون، وبدأت أفهم ولكني لم أفهم الشيء الكثير، ولأنني متعلمٌ نهمٌ، وعلى مائدة المعرفة شره؛ فقد بحثت في الكثير من المواقع الإلكترونية على الإنترنت، ولكني لم أجد إلا وجبات خفيفة، تُعلِّل ولا تُشبِع، بحثت في المكتبات عن كتب عربية تتحدث عن البورصة والتحليل الفني، ولكني لم أجد؛ لأن المكتبة العربية لم تكن فقيرة في هذا المجال الهام والجانب الحيوي في حياة الناس وإنما مُعدَمة.
في الانترنت قرأت موضوعًا لكاتب يشير فيه إلى كتابٍ صدر حديثًا في هذا المجال ، و يوصي بقراءته ، لم أتردد لحظة في اقتناء الكتاب برغم سعره المرتفع ( 55 ريال ) و لكن و بالمقابل فإن أسعار الدورات التدريبية تترواح بين ( 2000 – 7000 ريال ) ، و كما هو مكتوب على غلافه فإنه أول كتاب عربي متخصص في التحليل الفني لأسهم البورصة، وقد صدرت الطبعة الأولى عن مكتبة العبيكان عام 2005 في 239 صفحة، تحت عنوان ” إشارات البيع و الشراء الفنية لأسهم البورصة ” من تأليف : أحمد عيد الصاعدي، وصالح فؤاد المطبقاني، وهما عضوان في جمعية الاقتصاد السعودية.
ميزة الكتاب أنه جمع أشهر المؤشرات و أهمها و شرحها شرحًا موجزًا ميسرًا بالصورة والنماذج والرسوم البيانية لأسهم الشركات السعودية المدرجة في السوق السعودي، بالإضافة إلى مقدمة موجزة ميسرة أيضاً في بداية الكتاب و ختامٍ وافٍ يتحدث عن برامج التحليل الفني والأخطاء الشائعة التي يقع بها كثير من المتعاملين .
أما عيوب الكتاب فلا أرى فيه الآن و بعد أن اطلعت على الكتب التي ألفت بعده إلا عيباً واحدًا هو إهمال المؤلفين لما يسمى بالنماذج الانعكاسية الايجابية و السلبية ، و هذا بالطبع لا ينقص من قيمة الكتاب الشيء الكثير ، فهو أمر متوقع من أول كتاب يصدر في مجال جديد لم يسبق التأليف فيه أن يعتريه النقص و تشوبه بعض الشوائب، وربما كان عذرهم أنهم استهدفوا به المبتدئين والمحترفين كما قالوا في بداية الكتاب، ويبدو أنهم مالوا مع المبتدئين شيئًا قليلاً، ولكنه مع ذلك سيجعل منك محللاً فنيًا حقيقًا .
تابعت السوق من خلال التحليل الفني لمدة شهر و تأكدت من فعالية مؤشراته ، و من صحة فهمي لها ، ثم بدت العمل بمقتضاها ، وكتبت العديد من التحليلات في المنتديات باسم مستعار ، و الحقيقة أن الكتاب كان بالنسبة لي وجبة دسمة مقارنة بالمذكرات التي وجدتها على الانترنت و الدروس المتناثرة في المنتديات ، قرأته أول مرة في يومين ، و أعدت قراءته مراراً و تكرار و أنا أتأمل الرسوم البيانية التي تقدمها برامج التحليل الفني ، فقد أصبح مرجعًا لي في ذلك ، و قد قمت بتلخيصه لنفسي حتى يسهل علي استذكار ما يعنيه كل مؤشر ، و سوف أضع لكم هذه التلخيصات هنا حتى يستفيد منها الجميع .
تجادلت مع أصحابي كثيراً حول جدوى التحليل الفني بشكل عام، وجدواه في سوقنا بشكل خاص، كنت أقول بأن المؤشر أي مؤشر عبارة عن عملية رياضية حسابيه توصل إليها العلماء، ولكن برامج التحليل الفني تحولها إلى رسم بياني حتى يسهل التعرف على دلالتها، وأن الرسم البياني حينما يراه المحلل الفني مثل صورة الأشعة التي يراها الطبيب فيشخص حاله المريض، وأن سوقنا كغيره من الأسواق يصدق فيه التحليل الفني كما يصدق في غيره، ولكن الانهيار الكبير الذي حدث في فبراير 2006 واستمر إلى وقت قريب غير طبيعي أبدًا، ويطرح ألف سؤال و سؤال، وإذا كان البعض يظن بأن ما حدث قد نسي و أصبح جزءًا من التاريخ ، فإن المتضررين ما زالوا ينتظرون إجابات على أسئلتهم، ولكن يبدو بأن التحقيقات لم تسفر عن شيء، وأن القضية قد سُجلت ضد مجهول !.
هذا المقطع المصور وجدته بالصدفة على اليوتيوب، أعتقد بأنه سيثير فيكم الكثير من الأشجان كما أثارها فيّ، ليس على الأموال الضائعة، فالمال مهما كان يعوض، وإنما على الأوقات الصعبة التي مرت على المتعاملين في ذلك الانهيار.
هامش : كلمة بورصة أصلها إيطالي وكانت تطلق في الأساس على فندق في بلجيكا تملكه أسرة تحمل نفس الاسم، يجتمع فيه التجار وعملاء البنوك والسماسرة للمضاربة بالأموال، ثم أصبحت تطلق على أسواق الأسهم والسندات.
3 تعليقات على “إشارات البيع والشراء الفنية لأسهم البورصة”
تسلم أبو زياد مقال رائع وأهنيك على النقلة النوعية للمدونة
أظن أن هذا الخط مع خط الشعر يكونان ثنائية جميلة
مقال رائع أخ صالح..
* بدر بن بحر القرعاني :
أشكرك على ثناءك و مرورك الكريم ، المدونة ثقافية و الثقافة لا حدود لها
لذلك سوف تجدون بإذن الله موضوعات متنوعة مفيدة بإذن الله .
* كيوت :
مرحبًا بك ..