نحن نعيش الآن أياما صعبة بالفعل، فالبشرية تخوض معركة وجودية مع عدو خفي لا يرى بالعين المجردة، هو فيروس كورونا المستجد COVID-19 الذي اجتاح العالم، واضطرت بعض الدول إلى فرض حظر التجول على سكانها، فشعر كثير من الأفراد بالضجر من الحجر المنزلي، وفي هذه الأثناء تنبه محبو القراءة إلى الفرصة السانحة، ونبهوا الآخرين إلى استغلال أوقات العزلة بالقراءة، فطلب بعضهم توصيات قرائية، وبادر بعض المؤلفين بعرض مؤلفاتهم على القراء.
ومن هؤلاء المؤلفين الكاتبة الموهوبة وفاء بنت خالد المهوس مؤلفة كتاب: حين تصبح الأيام أصعب، حيل تعلمتها للتعايش مع الاكتئاب بشكل يومي. فقد خاضت المؤلفة وحدها حربا استنزافية طويلة مع عدو متوحش جائع، وجربت حلاوة الانتصارات ومرارة الهزائم والنكسات، وتعلمت من تجاربها أن الاكتئاب جزء منها، وأن القضاء عليه يعني القضاء عليها، ولهذا قررت أن تغير مخططاتها، وأن تتخذ من العدو صديقا حتى تسطيع أن تتعايش معه، وتواصل مسيرة الحياة دون معوقات.
الكتاب في أصله سلسلة مقالات شديدة الاختصار عن بعض طرائق التعامل مع جوانب من الاكتئاب من وجهة نظر المصاب، كتبتها المؤلفة في مدونتها الشخصية بعثرات، ثم جمعتها، ورتبتها، ونشرتها، ويضم الكتاب مقدمة قصيرة، وسبعة وخمسين مقالا قصيرا، تحدثت فيها المؤلفة بكل شجاعة، موجهة حديثها إلى القارئ السليم، والمصاب بالاكتئاب، ومن يتعامل معه، سواء كان من الأقرباء، أو الأصدقاء، أو المعالجين، والأطباء، وتتمحور موضوعات المقالات حول طبيعة المرض، والمريض، والعلاج.
شخصيا استفدت كثيرا بقراءة ما سجلته المؤلفة من المشاعر والأحاسيس التي تحيط بالمصاب، وما رصدته من الأفكار التي تدور في عقله، فقد سبق لي التعامل مع شخص عزيز مصاب بالاكتئاب، ولكنه لم يكن يتحدث كثيرا مع أحد عما يشعر به، ويفكر فيه، بالرغم من عدم اختصاص بعض هذه المشاعر والأحاسيس والأفكار بالمصابين، فمن منا لم تمر به سحابة حزن، ولم يدخل في حالة مؤقتة مشابهة لحالة المصابين بالاكتئاب، ومن هنا ندرك أهمية التفريق بين الحالتين.
الكتاب متوفر في موقع أمازون، والنسخة التي قرأتها نسخة إلكترونية عدد صفحاتها 106 صفحة، قرأتها بتمهل في جوالي (آيفون 11 موديل إكس آر)، ابتداء من يوم الأحد 20 / 7 / 1441هـ، وفرغت من قراءتها يوم الخميس 2 / 8 / 1441هـ، ولحظت أنها بحاجة إلى تدقيق لغوي، وعناية بالإخراج، ولعل النسخة الورقية التي ستصدر قريبا عن دار أثر بالسعودية تكون أفضل من الإلكترونية، أشكر المؤلفة الكريمة جزيل الشكر؛ لأنها قدمت لنا خلاصة تجربتها رغبة منها في مساعدة الآخرين.