شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، فرمضان شهر القرآن، وللقرآن فيه نكهة خاصة، وفي قراءته يتنافس المتنافسون، ولختمته يجتمع المؤمنون، وفي ختمته يدعو المصلون، فقد ورد عن السلف أن أحدهم كان يجمع أهله ويدعو الله حينما يختم القرآن؛ فإنه حريٌ أن يستجاب له، وكذلك الدعاء بعد كل العبادات.
وكما يتعبد الله بقراءة القرآن فإنه يتعبد بسماعه، ألم يقل الله عز وجل في كتابه الكريم: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون)، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود: اقرأ علي، قال: أقرأ عليك وعليك أنزل!، قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، قال: فقرأ عليه من أول سورة النساء إلى قوله (فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً)، فذرفت عيناه.
وإذا زرت مكة المكرمة أو المدينة المنورة في شهر رمضان فقد اجتمع لك شرف الزمان والمكان، والأصوات الحسنة لأئمة الحرمين، تلك الأصوات التي ارتبطت في ذاكرتنا بالحرمين الشريفين، وبشهر رمضان فاحببناها، وكان لها الأثر الأبلغ في قلوبنا، وخاصة من توفاه الله منهم، أو حل مكانه إمام آخر.
كالشيخ عبدالله الخليفي والشيخ عبدالله خياط والشيخ علي جابر رحمهم الله جميعاً أو الشيخ محمد أيوب والشيخ إبراهيم الأخضر والشيخ عبدالبارئ الثبيتي، وغيرهم، فقد تعاقب على إمامة أئمة كثيرون لا يحصيهم إلا الله، كان آخرهم الشيخ عادل الكلباني إمام جامع الملك خالد سابقاً (يقال بأن القارئ خالد الجليل قد خلفه في إمامه الجامع) فقد صلى بالحرم في الليلة الخامسة من هذا الشهر.
وهنا قد يتساءل البعض عن كيفية اختيار أئمة الحرمين الشريفين، أو يتساءلون عن الضوابط والمواصفات اللازمة، إلا أنه لا توجد للأسف آلية معلنة في ذلك، ومن تتبع سير أئمة الحرمين بحثاً عن ضوابط أو مواصفات مشتركة فلن يصل إلى شيء محدد كان موجوداً في جميع الأئمة.
وكل ما نعرفه أن رئاسة شؤون الحرمين هي الجهة المختصة، و أن التعيين يتم بأمر سامٍ من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، ولا شك أنها تكليف يتم الاختيار له بعناية، أما حسن الصوت فهي مسألة تختلف فيها الأذواق، وإن كان أغلب الناس معجبون بأصوات أغلب الأئمة الحاليين وخاصة القدماء منهم، كالشيخ عبدالرحمن السديس، والشيخ سعود الشريم.
ولو سألتني شخصياً عن الصوت المفضل لدي لقلت بأنه الشيخ عبدالله بن عواد الجهني، وفي كل خير، وإليكم هذا المقطع من أروع تلاوات الشيخ من صلاة الفجر لسورة ( ق ):
