التصنيفات
مشاهدات

من ذكريات رمضان الجميلة

من ذكريات رمضان الجميلة على برنامج على مائدة الإفطار للشيخ على الطنطاوي رحمه الله تعالى الذي كان يأتي في التلفزيون السعودي في شهر رمضان المبارك بعد نقل صلاة المغرب من الحرم المكي، وسمعت من صديق لي أن هناك قناة جديدة تابعة لقناة المجد تسمى رمضانيات تعيد بثّ حلقات على مائدة الإفطار في هذا الشهر، هذا الخبر أثار فيّ وفي صديقي الشجون عن الشيخ على الطنطاوي فتحدثنا عنه، وعن كتبه، وعن برنامجه الرائع.

ولا أدري ماذا أقول لكم اليوم عنه!، هل أقول كان رحمه الله واسع العلم والإدراك وقد قال عن نفسه ” ومن يقرأُ أكثر مني ؟ أنا من سبعين سنةِ إلى الآن، من يوم كنتُ صبياً، أقرأُ كلَّ يومٍ مئةَ صفحة على الأقل، وأقرأُ أحياناً ثلاث مئة أو أكثر، ما لي عمل إلا القراءة، لا أقطعها إلا أن أكون مريضاً أو على سفرٍ، فاحسبوا كم صفحة قرأتُ في عمري . لقد قرأتُ أكثرَ من نصفِ مليون صفحة وأعرفُ من قرأ أكثر مني، كالأستاذ العقاد، والأمير شكيب أرسلان، ومحمد كرد علي، ومحب الدين الخطيب رحمهم الله “.

ماذا أقول عنه وقد كتب عنه محبوه بعد وفاته عام 1999 مئات المقالات وألفت فيه الكتب، فهل تكفي مقالة صغيرة أو حتى كبيرة للوفاء بحق الشيخ وبقدره ؟! حتما لا، ولكني محب من محبي الشيخ الكثيرين، سرّني ما سمعت، وحرّك فيّ الأشجان، فتذكرت أول كتاب قرأته له وأنا في الثانية المتوسطة بعنوان (صور و خواطر)، ومن يومها لم أسمع بكتاب له إلا اشتريته وقرأته، ولم أشاهده في التلفزيون إلا استمعت له.

ولا زلت أذكر مقالته الساخرة ( أعرابي في سنما ) و ( أعرابي في الحمام ) فابتسم لطرافة أسلوبه، ولا زلت أتذكر مقالته ( في الحب )، وأتعجب منه كيف خبره، وعرفه حق المعرفة، وأتذكر مقالته ( من غزل الفقهاء ) من كتاب ( فكر و مباحث ) التي أفردت لجمالها في كتيب خاص، و قلده فيها آخرون بعده، وأتذكر كتابه ( قصص من التاريخ )، و( رجال من التاريخ ) فاذكر شعور العزة والفخر بتاريخ المسلمين ورجاله ، وكتابه ( في سبيل الإصلاح )، فأتذكر صدق النصيحة مع الرأفة و الإشفاق.

وأتذكر حديثه المحزن جداً عن وفاة أمه واغتيال ابنته بنان في مذكراته ( ذكريات ) فتسيل دمعة مني على الخد دون شعور، كيف لا وأنت تشعر أنه يتحدث بلسانك عن أمك و ابنتك حديثاً قادراً على تفجير الدموع في أكثر العيون جفافاً على وجه الأرض، بالإضافة إلى جملةٍ كبيرةٍ من الفوائد الأدبية والتاريخية واللغوية والفقية وغيرها في تلك المذكرات الضخمة التي لا تدنو منها سيرة ذاتية جمالاً و روعةً ولا حتى سيرة طه حسين الشهيرة ( الأيام ).
وأتذكر برامجه التلفزيونية (نور و هداية) و (مائدة الإفطار) فاذكر لذيذ حديثه وعظيم علم وثقافته في استطراده للحديث، ولطفه وبساطته في مخاطبة الناس، وابتسامته الراضية المطمئنة، ومن لا يعرف الشيخ حتى الآن فهو على موعد مع تراث جميل، من أجمل ما كتب وقيل في الأدب العربي الحديث، ولحسن الحظ فإن هذا التراث محفوظ حتى ما كان مسموعاً منه، وبإمكانكم الحصول على كتب الشيخ من موقعه على الإنترنت أو من دار المنارة في جده الناشر المعتمد لكتب الشيخ، أما البرامج التلفزيونية فهي منتشرة في المواقع الالكترونية الإسلامية.
رحم الله الشيخ رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، فكلما ذكرته بعد وفاته ذكرت مقاله الذي سأل الله فيه الخاتمة الحسنة وطلب فيه من القراء الدعاء له بعد الموت.

و هذا مقطع مؤثر جداً من برنامجه الرمضاني ” على مائدة الإفطار ” :

بواسطة صالح الهزاع

مدون سعودي

أكتب تعليقك

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: