ليس من عادتي القراءة قبل النوم بخلاف كثيرين لسببين، الأول أنني أحب أن أقرأ وأنا حاضر الذهن، نشيط الفكر، والثاني أن القراءة تطرد النوم -كما يحدث عكس ذلك عند كثيرين – وهو عزيز عندي، ولأنني مغرم بالكتب منذ حين، ومن يدخل معي إلى المكتبة قد يجد نفسه في ورطة، إذ لا أعرف بالضبط ما الذي يحصل لي، وكل ما أشعر به هو أنني في مغارة علي بابا، فتراكمت عندي الكتب دون قراءة، ولأن قائمتي للكتب التي تنتظر القراءة قد طالت اتخذت قراراً بمقاطعة المكتبات.
وذات يوم كنت في سوق تجاري، فرأيت مكتبة صغيرة، فلم أدرِ إلا وأنا بداخلها، فوقع بصري على كتاب د غازي القصيبي ( بيت )، ولم أتردد في اقتنائه فور معرفتي أنه يتحدث عن الشعر، ويمارس النقد بصفته متذوقا مرهف الحس بعيد عن نقد أساتذتنا النقاد الذين يجهل كلامهم كثير من الناس، بل كثير من المتخصصين، فقل لي بربك لمن يتحدثون، وقد شجعني على اقتناء الكتاب تجربتين ممتعتين لي مع كتابين مارس القصيبي فيهما النقد، وهما كتاب ( قصائد أعجبتني )، وكتاب ( مع ناجي و معها ).
ولأن أسبوعي ذلك كان حافلا بالأعمال لم أجد وقتا غير الوقت الذي آوي فيه إلى السرير قبل النوم، فقرأته وقررت على غير عادتي أن أتمهل في قراءته، فلا أسمح لنفسي بالتهام أكثر من صفحتين في الليلة الواحدة، فكانت تلك ليالي ممتعة كليالي ألف ليلة وليلة، إذ كان القصيبي يحدثني كل ليلة عن جمال بيت من الشعر، وكنت أطرب للشعر العربي، وأعيب عليه حديثه عن شعر الأعاجم؛ لأنه يفتقد للوزن والموسيقا، وهو ما يميز شعر العرب، ولكن ربما أراد القصيبي أن يتحفنا بشيء من ثقافته.
والحقيقة أن فكرة الكتب جميلة جداً، تذكرني بكتاب الناقد الليبي خليفة التليسي (قصيدة البيت الواحد) ولعل الدكتور استوحى فكرة كتابه من ذلك الكتاب، وقد كانت المتعة في الحديث عن الشعر أعظم بالحديث عن الشعراء، وقد كانت فرصة أغتنمها الدكتور بذكاء ليقدم لنا رأيه في العديد من الشعراء برغم أن بعض تلك الآراء تفتقد للموضوعية إلا أن الأسلوب الساخر الذي كتب به الدكتور رواياته (العصفورية) و(7) وغيرها كان حاضراً في هذا الكتاب، وهو ما جعلني أغفو في بعض تلك اليالي وعلى وجهي ابتسامة الرضا، إضافة إلى الدبلوماسية فيما يخص المرأة من آراء.
ولما انتهيت من الكتاب شعرت بحزن مفاجئ فقد كان بحق واحداً من الكتب التي تمنيت أن لا تنتهي، وعجبت كيف لم أقراه من قبل والنسخة التي قرأتها من الطبعة الثانية عام 2006م، فقد كنت وأمثالي من القراء نتابع أولاً بأول في لهفة ما يصدر بالخارج من كتب القصيبي، ونطلبها بالبريد، وربما قفزنا إلى المكتبة الوطنية بالبحرين وحملناها مع كتب أخرى، ثم توفرت تلك الكتب فجأة في مكتباتنا، ربما كان لانقطاعي عن المكتبات دور في ذلك، من يدري؟.
تعليق واحد على “بيت غازي القصيبي”
اهلا اخي الكريم
احييك ع مدونتك الرائعة 🙂
انا بصراحة… من عشاق قلم الدكتور غازي…
معرض الكتاب بالغد… مالكتب التي تنصحني
ان اقتنيها… للدكتور غازي القصيبي .. او اي
كتب اخرى….
فأتوقع بما انك تقرأ للدكتور….
فربما… ان ذوقنا في الكتب واحد 🙂