في يوم الجمعة الماضي رحلت هديل الحضيف رحمها الله تعالى، وتركت لنا غصة في الحلق كلما تذكرناها؛ فقد كان رحيلها فاجعاً، ومفاجأً للجميع، و أبكرمما يتوقعه الإنسان لنفسه، أو لغيره، كان صدمة مُرَّةً، لم نصدقها بادئ الأمر، ولكن الخبر انتشر، وتواتر بما لا يدع مجالاً للشك.
وهديل لمن لا يعرفها مدونة سعودية متميزة، عرفتها بصفتها مدونة قبل خمسة شهور تقريباً، كنت أحرص على زيارة مدونتها، ومدونات أخرى متميزة كلما تسنى لي ذلك، وزيارة مدونة أحدٍ ما يشبه زيارته في بيته حينما يريك أجمل ما يملك، ويحدثك بأجملِ حديثٍ، وأصدقِ حديثٍ، وربما أخص حديثٍ بكل صراحة وعفوية، وربما تشعر بعد فترة من الزمن بأنك تعرف هذا الإنسان جيداً، و بأنه قريب منك!.
ربما يشاركك أفكاره، وربما يبوح لك بما في نفسه من هموم، وما يعتلج في نفسه من خواطر، ربما يعجبك حديثه، وربما لا يعجبك، لكنك تحترمه، تحترم صدقه مع نفسه، تحترم عقله، وأفكاره، تحترم شجاعته في التعبير عن نفسه بصراحة في مجتمع بخجل كثير من رجاله في التعبير عن أنفسهم بصراحة، أو الكتابة عما يجول بخواطرهم بأسمائهم الصريحة، فكيف بنسائه !.
من آواخر تدوينات هديل وأجملها في نظري ما كتبته تحت عنوان: أي بيدقٍ أنا ؟. بتاريخ 10 مارس :
(عندما أرى صراعات تتوالى بين تيارات مختلفة في هذا البلد، كل تيار يتحدى الآخر، كل فئة تحاول أن تحصد نقاطها عبر تنفيذ أجندتها الخاصة، ولكٍل جمهوره وأتباعه؛ ينتابني سؤال كبير: نحن الذين نؤمن بقضايا ونتبنى الدفاع عنها، ونخوض المعارك من أجلها، هل نجد الدعم من الآخرين لأنهم يؤمنون بذات القضايا؟
أم لأننا ورقتهم في ربح المعركة الحالية، ومتى ما احترقنا، سيجدون أوراقاً جديدة يلعبون بها؟
حينما يستوقفني خبر ما، وأجدني أتبنى رأياً حياله سواء كان معه أو ضده، أقف لوهلة، وأفكر: هل موقفي هذا صادر من قناعة وإيمان أو لأن آخرين أرادوا مني أن أتبنى هذا الموقف؟
هل حديثي في هذه المدونة جزء من لعبة كبيرة أنا لست سوى أداة دون أن أدرك ذلك؟
يرعبني أن أكون بيدقاً في يد لا أعرفها، يرعبني أن تكون آرائي صدى لغيري دون وعي مني، ويجعلني أحياناً أعيد النظر في جدوى الكتابة، وجدوى القضايا التي أؤمن بها، وجدوى كينونتي ككل! )
رحمك الله يا هديل، وغفر لك، وأسكنك أعلى جنانه، وعوَّضك عن شبابك، فما عند الله خير وأبقى.