التصنيفات
مشاهدات

فيلم العطر: قصة قاتل

فيلم العطر: قصة قاتل هو فيلم مأخوذ من رواية تحمل نفس الاسم Perfume : The Story of a Murderer، صدرت عام 1985م،  وهي أشهر روايات الكاتب الألماني باتريك زوسكيند، ترجمت إلى عدة لغات، وبيع منها ملايين النسخ، ولشهرتها ونجاحها حاول أكثر من مخرج سينمائي أن يحولوا هذه الرواية إلى فيلم، ولكن لم يتوصل أحد منهم إلى طريقة عرض مناسبة لرواية تعتمد أساساً على الرائحة إلا عام 2006 على يد المخرج الالماني توم تايكوير، بعدما اشترى الممثل دستين هوفمان حقوق تحويل الرواية إلى فيلم بعشرة ملايين يورو.

اعتمد المخرج على أسلوب الراوي الذي يعلق على الأحداث ، و ينقل للمشاهد ما تعجز الكاميرا عن نقله ، كما اعتمد على أسلوب العودة إلى الوراء ” الفلاش باك ” في بداية الفلم لمزيد من التشويق و الإثارة للمشاهد، بالإضافة الى الإثارة التي تحملها الأحداث من جرائم قتل، وطريقة اختيار الضحايا، والتخطيط لتنفيذ الجريمة، وكيفية إخفاء الجريمة، والتحقيقات التي جرت لاكتشاف الفاعل، و دوافع ارتكاب الجريمة التي يضمرها في نفسه، وانتظار تنفيذ العقوبة التي يستحقها.

والقصة باختصار تدور حول شاب دميم الخلقة اسمه ” جون باتيست ” أوتي حاسة شم خرافية، ولد لأم تعيش في باريس في القرن الثامن عشر ، و تعمل في سوق السمك ذي الروائح المنتنة، توقعت الأم عندما ولدته بأن ابنتها ميت كما حدث في ولاداتها الأربع السابقة، ولكنه استهل صارخاً وهو تحت الطاولة مما دفع الناس إلى الاعتقاد بأن أمه كانت تنوي قتله فقتلوها شنقاً، وهكذا أصبح هذا الشاب شؤماً على كل من يحل عليه، أو يرتحل منه .

انتقل هذا الشاب إلى دار للأيتام ، ثم باعته المرأة التي تدير الدار إلى صاحب مدبغة للجلود، و قبضته ثمنه، و لكنها قتلت من أجل السرقة وهي عائدة إلى الدار، وهكذا أصبح الشاب عاملاً في المدبغة و توصيل الجلود للزبائن، وفي ذات يوم وهو يوصل الجلود للزبائن شم رائحة امرأة مميزة في الطريق فلحقها، ولكنها خافت وهربت، ثم ماتت بين يديه من دون عمد ، فحاول أن يملء رئتيه من رائحتها و أن يحتفظ بالرائحة .

كان قلقاً من فقدان رائحة الفتاة ، فأخذ بالتفكير و البحث عن وسيلة تمكنه من الاحتفاظ بالرائحة من النسيان ، حتى جاء اليوم الذي زار فيه أشهر صانع عطور في باريس حاملاً بعض الجلود التي طلبها الصانع ، فخطرت له فكرة صنع الروائح ، فسأل الصانع ذو الأصل الايطالي إن كان بإمكانه استخلاص رائحة كل شيء ، و تحويلها إلى عطر ، و عندما أجابه الصانع بإمكانية ذلك لم يكن يتصور أن الشاب يقصد بكلِ شيءٍ كلَ شيءٍ على الإطلاق ، حتى المعدن و الزجاج و الحيوانات ! .

اشترى الصانع الشاب من صاحب المدبغة الذي غرق في النهر بعدما قبض الثمن ، و هكذا انتقل الشاب إلى معمل الصانع وابتدأ فورًا بتنفيذ أمنيته، وعندما أخفق في تحقيقها سقط من الإعياء و المرض، وعندها أصيب الصانع بالهلع خوف أن يفقد هذا الشاب الموهوب فعكف على راعيته، حتى تعافى ، و عندما أدرك هدفه وغايته ، ابتدأ في تعليمه أسرار صناعة العطور، وحدثه عن خرافة فرعونية تقول بأن العطر الساحر الأخاذ يتكون من 12 مكون أساسي، ولكن الشاب أخذها على محل الجد ، وتمادى السؤال وطلب المعرفة.

ولما لمس الصانع إصرار على الشاب تعلم المزيد أشار عليه بالذهاب إلى مدينة جراس المشهورة بزراعة الورود و الزهور و استخلاص روائحها ، و لأن هذه المدينة لا تقبل أحدًا للعمل في معاملها من غير أهلها ما لم يكن بحوزته تزكية و شهادة من صانع عطور، وهنا عرض الصانع على الشاب أن يعد له مجموعة تركيبات العطور حتى يعطيه التزكية والشهادة ، فوافق وأعدها بمهارة و سرعة فائقة لتكون الثمن الذي سيسمح به الصانع للشاب بالمغادرة ، وعندما قبض الثمن و غادر الشاب انهار البيت و المعمل على صانع العطور .

في الطريق إلى تلك المدينة انعزل الشاب و لجئ إلى كهف خالٍ و مكث فيه مدة من الزمن، قبل أن يكتشف بأنه شخصياً ليس له رائحة ، و هنا تبرز أولى العلامات الواضحة على أن القصة خيالية – هناك علامة في البداية و هي بأنه عندما ولد توقعت أمه بأنه ميت لأنه لم يستهل ، ثم استهل بعد وقت وجيز ، و لكنها غير واضحة تماماً لأن ذلك ربما يحدث في بعض الأحيان ، و العلم عند الله –  و في فترة الانعزال هذه تبرر الأزمة التي يعيشها الفتى وهي أزمة هوية ، و أتوقع بأن الفلم لم يعطِ هذه الفترة حقها كما في الرواية المكتوبة و لا أجزم بذلك لأني لم أقرأها .

وعندما اكتشف بأنه ليس لها رائحة ، قرر أن يصنع رائحته بنفسه ، أن يصنع لها عطرًا خاصًا لا يستطع أحد مقاومة الانجذاب إليه ، فأكمل مسيرته إلى تلك المدينة ، و هناك توصل إلى طريقة استخلاص رائحة الأجساد ، و تحويلها إلى عطور ، و ابتدأ سلسلة الجرائم التي دفعت أهل المدينة إلى الهلع و الخوف و التحقيق مع كل مشتبه ، لا أريد أن احرق القصة ، و أفسد عليكم متعة مشاهدة الفلم ، و لكن النهاية سوف تثبت لكم بأن القصة خرافية ، و القصص الخرافية لا تروقني كثيراً .

ما راقني و أعجبني حقاً هو كمية المعلومات التي سوف تحصلون عليها عندما تشاهدون الفلم عن العطور و صناعتها ، و أظن بأن الرواية المكتوبة تضم معلومات و حديثًا عن العطور أكثر من الفلم ، و لأول مرة أتمنى بأني قرأت الرواية أولاً ، لأن الحديث عن الروائح و وصفها مما لا تستطع الكاميرا أن توصله للمُشاهِد ، بالإضافة إلى أن هناك مشاهَد يحسن بك قراءة وصفها بدلاً من رؤيتها ، و لكن لا اعتقد بأني سوف أقرأ الرواية الآن بعدما شاهدت الفلم ، لأني كما قلت لكم من قبل ” لا أحب التكرار “.

هامش : لمن يريد قراءة الرواية هناك نسخة عربية من ترجمة الاستاذ نبيل الحفار ، و قد طبعتها دار المدى ، و دار الجمل ، و المجمع الثقافي . و هذا ملف فيديو على اليوتبوب يضم مجموعة من المشاهد للفلم ، قام بدور صانع العطور المشهور الممثل الأمريكي دستين هوفمان :

بواسطة صالح الهزاع

مدون سعودي

18 تعليق على “فيلم العطر: قصة قاتل”

ما شاء الله راااائع دائما يا ابو زياد

من المقطع شكل الرواية ممتعة…

في حفظ الله

(f)

أزعم أن هذا الفيلم سيكون من الاعمال الخالدة

كل من شاهده حرص على مشاهدته مرة ثانية

يعجبني دائما الخيال الواقعي , كما تعجبني العصور الوسطى , وهذا الفيلم جمعهما معاً .

هناك حالة نفسية خاصة عايشت البطل فيها.

وتلك القطرة الباقية التي ركزت عليها الكاميرة في أخر العمل ….
7
7
7
7
موجودة لدي :mrgreen:

رواية ممتعه ورائعه

اعجبتني فكرتها وبصدد قراءتها ومشاهدتها

شكرا لك استاذ صالح

* جمال :

نعم ، بكل تأكيد ..

أشكرك على مرورك جمال (f)

* خديجة :

صدقتِ ، هذا ما يعيب الفلم للأسف (f)

* سامي سلامي :

لا شك بأنها عمل أدبي فريد من نوعه و مميز

أشكرك على مرورك الثري (f)

ليتني أقرأ الرواية .. لربما أزالت من ذاكرتي بعض مشاهد الفيلم المُخيفة : )

أشكرك على هذه المعلومات القيّمة عن القصة 🙂

أكتب تعليقك

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: