التصنيفات
كتب وقراءات

الغرابة بين التلقي والدلالة

كتاب للدكتور محمد بن عبدالعظيم بنعزوز[1]، مكون من 120 صفحة من الحجم المتوسط[2]، وهو دراسة أدبية لقصة إبراهيم بن سليمان المأخوذة من كتاب ” مقالات الأدباء ومناظرات النجباء ” لعلي بن عبدالرحمن بن هذيل، وقد استعان المؤلف في تناول الغرابة الناتجة عن التلقي والدلالة الناتجة عنهما في هذه القصة بمقاربة سيميائية دلالية حاول من خلالها دراسة النص ذاته ومقصدية مؤلفة وراويه ومؤشراته الاستغرابية والدلالية الناتجة عن تلقية كما يقول في مقدمته.

كما يقول بأن دراسته هذه قد أجابت على الأسئلة التي غطت فضاءات الدراسات الأدبية عبر تطورها و هي : ماذا يقصد المؤلف ؟ كيف يشتغل النص ؟ كيف يُتلقى النص ؟ ، متوخيًا في ذلك إبراز خصوصيات السرد العربي القديم عبر تجلية الخصائص السردية و الجمالية و الدلالية له . ص 8

ماذا يقصد المؤلف بالغرابة في هذه القصة ؟ يقصد بها الخروج عن المألوف و المعتاد مع ما يرافق هذا الخروج من مبالغات – قد تكون جزءا من الحقيقة – في السلوك و المواقف و في الأسلوب و الخطاب ، فلا يجوز فصل عنصر الخطاب و عنصر التلقي عند الحديث عن الغرابة لأنها هي علة التأثير الذي ينتاب المتلقي . ص 6 – 7

  و قد حاولت تتبع خطوات هذه الدراسة[3] ، و ذكر تعريفات لبعض المصطلحات التي قد تكون غامضة على غير المتخصصين ، أخذت أغلبها من كتاب ” معجم مصطلحات الأدب الإسلامي “[4] للدكتور نفسه .

الخطوة الأولى : الحديث عن أهداف هذه القصة ( و الغرابة تساعد على تحقيق هذه الأهداف ) و عن تلقيها ، و أنواع المتلقين ( متلق داخلي ، متلق خارجي ) و علاقة الأهداف بالتلقي ( أن المتلقي تغير بفعل الزمن و بوصول الكتاب إلى عامة القراء ) ، و الأثر الخارجي و الداخلي على المتلقين لهذه القصة . ص 11

الخطوة لثانية : الحديث عن رواية القصة ، و أنواع الساردين لها ( سارد داخل القصة ، و مسرود له داخل القصة ، و سارد خارج القصة ، و مسرود له خارج القصة ) و الفرق بينهم ، و العلاقة التي تجمعهم . ص 19

الخطوة الثالثة : بناء القصة ، و انتقالاتها أو تحولاتها ، و موضوعاتها البارزة ، و أقسامها و تضمنها قصصًا أخرى بداخلها ، و علاقة القصة الإطار بالقصة المتضمنة . ص 23

( المقصود ببناء القصة البناء الفني من لغة سردية – إخبارية / حكائية – أو وصفية ، و بداية و نهاية ، و عقدة و حل ، و تشويق و مفاجآت ، و شخصيات ، و أمكنة ، و أزمنة ، و حوار ، و حوار داخلي ، و تذكُّر )[5] .

( عقدة القصة هي : النقطة التي تتشابك عندها جميع الخيوط المتعلقة بعلاقات الشخصيات فيما بينها على اختلافها و تنوعها حين تأزمها ، و لا بد لكل قصة من عقدة )[6]

( حل عقدة القصة إيذان بنهايتها حتى يطمئن القارئ إلى نتيجة أزمتها و تدافع شخصياتها و قيمتها )

( الأمكنة في القصة أنواع منها : فضاء صريح ، و فضاء ضمني ، و فضاء مجازي )

( الأزمنة في القصة أنواع منها : زمن القصة و هو الزمن الذي وقت فيه الأحداث ، و زمن السرد و هو زمن كتابتها و روايتها ، و الزمن النحوي و هو الزمن الذي استخدم في سرد أحداث القصة )[7]

الخطوة الرابعة : قراءة أولية للقصة ، و تضم : ملخصها ، و علاماتها الدالة ، شخصياتها ، علائق الشخصيات فيما بينها . ص 31

( تتحدد دلالة النص من خلال جانبين هما : الجانب النحوي و البلاغي )[8] :

أ : التكرار و دلالته ( التكرار و هو إما تكرار تعبيري أو تكرار مشهدي أو هما معًا و الهدف من التكرار التأكيد على فكرة معينة و لكن إذا بولغ فيه صار سلبية و عيبًا في القصة )[9] .

ب : أنواع الأفعال – و خاصة المسيطرة على النص – و دلالتها .

الحديث عن الشخصيات يضم عدة جوانب منها : ( الشخصية عبارة عن : ذات + أفعال + صفات + أحوال + علاقات )[10]

1- هل هي شخصية رئيسية أم ثانوية ؟ ( الرئيسية هي التي تدور حولها القصة ، أو هي التي تقود عجلة السرد داخل القصة ، أو هي التي تقوم بأحداث هامة داخل القصة ، أو تحصل لها و تتلقاها دون أن تكون راغبة فيها )[11] ( الثانوية هي التي تقوم بدور داخل القصة إلا أن أهميته أقل من أهمية الشخصية الرئيسة ، باختصار كل ما عدا الشخصيات الرئيسة هي ثانوية )[12]

2- نوعية الشخصية ( هناك عدة شخصيات : إخبارية ، معرفية ، حذرة ، حقيقية ، سلبية ، ضعيفة ، ظالمة ، قوية ، مؤمنة ، كافرة ، غافلة ، متخيلة ، مثالية ، نامية … إلخ ).

3- أسماء الشخصيات ، و هل لها دلالة في النص ؟

4- الصفات الخَلقية و الخُلقية ، و دلالتها في النص ؟ ( الدلالة هي : كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر ، و الشيء الأول هو الدَّال ، و الثاني هو المدلول )[13] ( مثل دلالة السمنة الشديدة على الجشع ، و دلالة النظافة على حسن الحال ، و ليس لأي صفة دلالة ثابتة في كل قصة لذلك جرى التنبيه ).

العلائق بين الشخصيات من خلال ثلاثة عناصر هي : الرغبة و التواصل و الصراع . ( الرغبة هي دوافع الشخصيات ) ( التواصل بين شخصيات القصة و يعني وجود اتفاق مبدئي على الأقل بين أطراف هذه العملية و أن هناك رسالة هي موضوع هذا التواصل المطلوب ، كما تقتضي وجود مرسل و مرسل إليه أو مرسل و مستقبل و يبلغ التواصل ذروته حينما يصير المستقبل مرسلاً و المرسل مستقبلاً ، و لا يبقى الأمر مقصورًا على جانب واحد إيجابي هو المرسل ، و الآخر متلقٍ فقط و في التلقي دون إرسال سلبية )[14] ( الصراع بين شخصيات القصة و هو عنصر أساس من عناصر البناء الفني في القصة و هو أنواع : صراع اجتماعي ، جدالي ، داخلي ذاتي ، سياسي ، عقدي ، قَبَلي ، لغوي ، نفسي )

الخطوة الرابعة : الحديث عن الثنائيات في القصة ، و أنواعها ، و دلالتها . ص 53 ( هناك ثنائيات كبرى و صغرى ، صريحة و ضمنية ، سردية )

الخطوة الخامسة : الحديث عن التعارض و التوافق في القصة من خلال الثنائيات ، و ما يبنى على ذلك من دلالات . ص 59

الخطوة السادسة : الحديث عن الغرابة في القصة . ص 65

الخطوة السابعة : الحديث عن القصة و الدلالة . ص 77

الدلالات قد تكون داخلية أو خارجية ، و لها أنواع ( من أنواع الدلالات : دلالة ابتلائية ، اجتماعية ، إخبارية ، الأخذ بالأسباب ، استخبارية ، اعترافية ، تاريخية ، تجاوزية ، تداولية ، تسخيرية ، عاطفية ، جغرافية ، دينية ، سياسية ، عقلية ، قاطعة ، نفسية .. إلخ ) و الدلالة الكبرى و هي الهدف من القصة أو الحكاية ، و هي جواب السؤال : ماذا يريد الكاتب أو يقول ؟.

الخطوة الثامنة : الحديث عما استنتجه من القصة ، و هي عدة ملاحظات تلخص ما سبق ، ابتدأها بملاحظات عامة على ملخص القصة . ص 85

ثم نص القصة التي تمت دراستها[15] .


[1] أستاذ جامعي مغربي، حصل على الماجستير عام 1985م بـ ” دراسة سيميائية لإحدى قصص البخلاء للجاحظ “، وحصل على الدكتوراه عام 1988 م برسالة عنوانها : ” الفضاء في الرواية المغربية ” ، يعمل حاليًا أستاذًا للأدب بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.

[2] كتاب الرياض، وهو كتاب شهري يصدر عن مؤسسة اليمامة الصحفية بالرياض، الطبعة الأولى عام 1430/ 2009م .

[3] لا تحاول تطبيق جميع هذه الخطوات على نصوص مماثلة فقد لا تستجيب لجميع الخطوات .

[4] دار النحوي ، الطبعة الأولى 1427- 2006 م .

[5] معجم مصطلحات الأدب الإسلامي ، ص 41.

[6] المرجع السابق ، ص 145.

[7] المرجع السابق ، ص 103 .

[8] المرجع السابق ، ص 92.

[9] المرجع السابق ، ص 64.

[10] المرجع السابق ، ص 107.

[11] المرجع السابق ، ص 113.

[12] المرجع السابق ، ص 112.

[13] المرجع السابق ، ص 91.

[14] المرجع السابق ، ص 67.

[15] أرى أن الأنسب أن يكون النص في مقدمة الدراسة وليس آخرها.

بواسطة صالح الهزاع

مدون سعودي

5 تعليقات على “الغرابة بين التلقي والدلالة”

بارك اللع فيك …

العلم صيد والكتابة قيده *** قيد صيودك بالحبال الواثقة
فمن الغرابة أن تصيد غزالة *** وتتركها بين الخلائق طالقة

أكتب تعليقك

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: