قبل أيام تم اختراق شبكة القصة العربية ، وبعدها بأيام تم اختراق شبكة جسد الثقافة، ومن ثم مواقع أخرى، طبعاً عادت شبكة القصة العربية إلى العمل مرة أخرى، أما شبكة جسد الثقافة فقد عادت على رابط آخر مؤقت، فقد تمت سرقة عنوان الموقع (الدومين)، وربما تتأخر استعادة العنوان.
هذه الظاهرة دفعتني إلى التفكير في مسألة الاختراق هذه ، ما الذي يدفع شخص ما ، أو حتى مجموعة من الأشخاص إلى اختراق موقع معين ، الإجابة سهلة طبعاً ، و هي أنه أو أنهم غير راضين عما ينشر في هذا الموقع .
و لكن السؤال العجيب : لماذا يلجأ هؤلاء الأشخاص إلى الاختراق للتعبير عن رفضهم لما ينشر ؟ ألا توجد هناك وسائل أخرى غير التدمير الشامل ، أيعقل أن تكون القوة هي سيدة الموقف في رفضنا لما ينشر من آراء ، إذا كان هذا هو حالنا مع إخوتنا من المسلمين فكيف بغيرهم ؟! خاصة في فضاء واسع جداً و مفتوح للجميع على الإنترنت ، حيث يصعب شطب كل ما لا يعجبنا ، و إخراس كل من لا يوافقنا.
مهما فعلنا لا بد أن نصل إلى مرحلة ما ، يتوجب فيها أن نستمع لمن يخالفونا الرأي حتى نفهم وجه نظرهم بشكل صحيح ، ثم لا بد أن نفكر بعقولنا قبل أن تستخدم أيدينا في الرد عليه ، لا بد أن نجد وسيلة غير التدمير و التخريب الذي يوغر الصدور ، و يزيد من هوة الاختلاف بيننا و بينهم .
ثم لا بد بعد أن نعجز عن التفاهم من التعايش مع الذين يحملون أفكار لا تعجبنا ، فلا يمكن على سبيل المثال أن نجعل الناس كلهم مسلمين ، و لا يمكن أن نقنع الناس جميعا بفكرة معينة ، إنها سنة من سنن الله في الكون ، (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) ، (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك).
و لقد تعايش المسلمون منذ العصور الأولى مع غيرهم ، و كانوا مثالاً على ذلك لغيرهم ، و تخيلوا معي لو حدث غير ذلك و انشغل جميع المسلمين بفرض الإسلام و تعاليمه بالقوة على غير المسلمين ، حينها سيهلك الحرث و النسل ، و ستتعطل الحياة ، و يتوقف العمران ، و يعم الفساد ، و لن يكون هناك مجال للعقل ، للمنطق ، للكلمة الطيبة ، للمجادلة بالتي هي أحسن.
أيضا دفعتني هذه الظاهرة للتفكير في بعض المنتديات ، في عمرها الافتراضي ، في عوامل ازدهارها و ذبولها و موتها ، من حجب ، و اختراق ، أو حتى اختلافات و انشقاقات بين المنتسبين أو الإداريين ، و ما يتلو ذلك من هجرة للكُتَّاب في الشبكة العنكبوتية من منتدى إلى آخر ، أو حتى إنشاء منتدى جديد ، أو موقع خاص ، أو مدونة .
شخصياً بعدما عملت مدونتي الخاصة لم أعد حريصاً على المنتديات إلا ما كنت أنشر فيه أشعاري ، مثل جسد الثقافة ، بعد اختراقه عثرت بالصدفة على منتديات متخصصة في الشعر تسمى : منتديات القصيدة العربية ، تبدو جميلة لولا كثرة أقسامها دون داعٍ.
و تأتيني بين الفينة و الأخرى دعوات للانضمام إلى منتديات حديثة ، أقدر لأصحابها ثقتهم ، و أثمن دعوتهم ، و اعتذر لهم.